لم تكن العلاقات الروسية الأوكرانية جيدة إلى حد كبير حتى إبان قيام الاتحاد السوفياتي سابقا على الرغم من أنهما كانتا تشكلان جزءا لا يتجزأ من هيكله السياسي، فالصراع كان قائما منذ القدم بينهما لا سيما بسبب السياسات المركزية التي كان ينهجها قادة الاتحاد آنذاك ويتعلق الأمر بالاقتصاد المخطط الذي كانت تفرض الحكومة السوفييتية من خلاله هيمنتها على الاقتصاد وتحدد الأهداف والخطط الاقتصادية للجمهوريات السوفياتية التابعة لها ،وأيضا سياسة الزراعة الجماعية عن طريق إرغام الفلاحين على الانضمام إلى المزارع الجماعية. وكل هذه الخطط استهدفت بالدرجة الأولى تعزيز النظام الشيوعي وتمكينه من بسط نفوذه على مختلف جوانب الحياة داخل الاتحاد السوفياتي.
العلاقات الروسية الأوكرانية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفككه :
أدى إخفاق السياسات التي قادها واعتمد عليها ميخائيل غورباتشوف المتعلقة بالبريسترويكا والغلاسنوست إلى تأزم الأوضاع السياسية داخل دواليب الاتحاد مما أثر سلبا على باقي الجوانب الأخرى لينتهي المطاف بانهياره عام 1991.
وبعد تفككه انبثقت عنه مجموعة من الدول التي أعلنت استقلالها وانفصالها عنه، رغم كل ذلك شهدت العلاقات الروسية الأوكرانية توترا حادا بعد فشل جميع المحاولات التي كانت تروم بناء وتأسيس علاقات وطيدة بين البلدين، ولعل أزمة 2014 زادت الأمور تعقيدا أكثر مما كانت عليه بعدما أعلنت روسيا عن ضم شبه جزيرة القرم لأراضيها والاستيلاء عليها عقب إجراء عملية استفتاء بعد اندلاع الثورة الأوكرانية، الأمر الذي لم تعترف به أوكرانيا ورفضته رفضا تاما كما العديد من الدول الغربية معتبرين إياه قرار يفتقد للشرعية ، وتحظى منطقة شبه جزيرة القرم الواقعة شرق القارة الأوروبية في شمال البحر الأسود إلى الجنوب من أوكرانيا، ويحيط بها البحر الأسود من الجنوب والغرب، ومضيق كيرتش من الشرق وبحر آزوف وخليج سيفاش من الشمال الشرقي، بموقع استراتيجي هام نظرا لاتصالها بالبحر الأسود..
ومع اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير / شباط 2022 أضحت القرم بمثابة قاعدة مهمة لانطلاق العمليات العسكرية ، إذ تستخدمها روسيا كمنصة لإطلاق صواريخ ومسيرات باتجاه أوكرانيا ،وهذه الأخيرة تحاول قطع الإمدادات عن القوات الروسية بتشديد عملياتها عبر استهداف جسور ومخازن شبه الجزيرة.
وتمخض عن ضم روسيا لجزيرة القرم نزاع آخر اتخذ من منطقة دونباس مسرحا لعملياته، تزامن مع اندلاع احتجاجات مؤيدة لروسيا وتحول الأمر لصراع مسلح طرفاه القوات الأوكرانية والمقاتلين الانفصاليين المدعومين من قبل روسيا، تصب المعركة أساسا على السيطرة الكاملة على منطقة دونباس التي تضم مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وهي منطقة ذات أهمية كبيرة ، إذ تحتل روسيا حوالي 88% من مساحتها بحيث تسيطر تقريبا على كامل منطقة لوغانسك وحوالي 79% من منطقة دونيتسك وفق تحليل المعهد الأمريكي لدراسات الحروب، وترتبط المنطقة ارتباطا وثيقا بالتاريخ الروسي فأغلب السكان هم ناطقون باللغة الروسية.




إرسال تعليق